عبدالسلام محمد
مالذي يحصل في اليمن وأدى الى هذا التشرذم؟
الأحد 7 يونيو 2020 الساعة 15:56

السبب يعود الى تنافس بين استراتيجيتين للسلام في اليمن ، واحدة يراها المجتمع الدولي بقيادة الأمم المتحدة، والثانية يراها التحالف العربي بقيادة السعودية والامارات، وكلها خارج إرادة اليمنيين.
سأغرد الليلة عن تلك الاستراتيجيتين
قبل الحديث عن حالة اليمن بين الحرب والسلام علينا وضع بعض المحددات المهمة: ١) ميلشيات الحوثي اكتسبت بعض التعاطف الدولي الذي سيؤثر حتما على مستقبل ما بعد الحرب في اليمن لسببين رئيسيين:هناك صورة نمطية مشوهة للسعودية، وأداء سيء للامارات انعكس على الشرعية التي تدعمهما.
من المحددات المهمة التي تؤثر على قرارات ما بعد الحرب:
٢)الخلاف الإماراتي السعودي خلاف تكتيكي بين الأدوات وليس استراتيجي .
٣) التحالف العربي يتعامل مع الشرعية باعتبارها حزب الاصلاح فقط.

 
٤) مشروع الحوثي في نظر التحالف يمكن التفاهم معه في حال فك تحالفه مع ايران حتى لو كان مشروع عنف.
اذن على ماذا تقوم استراتيجية السلام في وجهة نظر المجتمع الدولي والتحالف العربي وماهي الخلافات بينهما ،وهل تصب أيا منهما في مصلحة اليمنيين؟
استراتيجية المجتمع الدولي والأمم المتحدة للسلام في اليمن كانت تقوم على الدفع بالشرعية والحوثي الى تقاسم السلطة،لكن بعد تأسيس الانتقالي تغيرت.
استراتيجية السلام لدى الامم المتحدة بعد فرض الانتقالي لواقع جديد في عدن بقوة السلاح تغيرت الى اعتبار أن خريطة الصراع في اليمن بين ثلاثةتيارات:الحوثي شمالا،الشرعية والاصلاح شرقا،الانتقالي جنوبا. هذا التغير شجع الامارات والسعودية لزيادة الفاعلين المحليين للحصول على نسبة تحكم أكثر.

 
وهنا اتضحت أكثر استراتيجية التحالف العربي بقيادة الامارات والسعودية، بل انكشفت بشكل صادم، لأنها تعاملت من منطلق أن الأمن القومي للبلدين أهم من وحدة وسلامة وسيادة اليمن، وليس من منطلق أن أمن اليمن هو أمن الخليج.
الاحداث على الأرض تقول أن استراتيجية التحالف ضد طموح اليمنيين.
يتجه التحالف بقيادة الرياض وأبوظبي الى زيادة الفاعلين المحليين(انشاء المزيد من الجماعات المسلحة والمزيد من المظلوميات) لتحقيق عدة أهداف أهمها، تقليل نسبة تأثير الحوثيين والشرعية ( الاصلاح) في أي عملية سياسية تنجم عن اتفاق سلام،وضمان عدم وجود غلبة لتيار مسلح وخلق حلفاء مسلحين جدد.

 
لدى التحالف نظرة باتجاه اليمن غير ما يعتقده الكثير من اليمنيين،ليس أن لا يعود هذا البلد موحدا يمتلك جيشا وقوة عسكرية تهدد أمن الخليج مستقبلا فحسب كما فعل الرئيس صالح؛بل انشغال اليمنيين بصراعات لامتناهية تكون دائرة التأثير الكبير على الفصائل المسلحة للسعودية والامارات وليس لايران.
وبالنظر الى خريطة الحرب في اليمن قبل وبعد دخول التحالف، فان النتيجة بعد خمس سنوات تكشف أدق التفاصيل في استراتيجية التحالف.
مع انطلاق عاصفة الحزم كانت الحرب بين حكومة الرئيس هادي التي تمتلك شرعية قانونية ودولية،وانقلاب مسلح مكون من تحالف الرئيس السابق صالح مع الحوثيين. في 2017 تم تفكيك الانقلاب وقتل علي عبد الله صالح، وسيطر الحوثيون على صنعاء ومحافظات الشمال منفردين، وفِي نفس العام بدأت ارهاصات تقسيم الشرعية حتى تأسس مجلس انفصالي جنوبا بدعم إماراتي بعد اقالة حلفاء لها في 2018 ومنع الرئيس هادي من العودة الى عدن وحصل تمرد مسلح في 2019.
شكل المجلس الانتقالي الذي سيطر على عدة محافظات جنوبية الذراع القوي لفرض استراتيجية التحالف في التقسيم وتعدد الفاعلين المحليين تحت مبرر صراع اماراتي مع الشرعية، واعلن الحكم الذاتي( انفصال من طرف واحد) في 2020 بعد اتفاق الرياض الهش الذي هدف لايجاد اعتراف دولي بالفاعل المسلح الجديد.

 
بعد اعتراف الامم المتحدة اعتبار المحلي الانتقالي فاعل ثالث الى جانب الحوثي والشرعية، يسعى التحالف من خلال الامارات الى تحقيق أي انتصار لميلشيات طارق صالح، ولأن هذا الامر صعب على قوة هشة مخترقة وضعيفة تحقيق ذلك الى جانب اتفاق الحديدة المقيد، توجهت الامارات لخلق معارك صغيرة محتملة.
المعارك الصغيرة المحتملة لفرض ميلشيات طارق صالح كطرف رابع في اتفاقية السلام وبدعم التحالف بقيادة الامارات:
- خوض معركة دعم الانتقالي ضد قوات الشرعية في أبين.
- معركة ياسر العواضي الفاشلة في البيضاء والتي عاد التحالف لتغطيتها بدعم الجيش الوطني.
- التهيئة لمعركة حنيش الوطنية .
لن يتوقف التحالف الى محاصصة السلطة على ثلاثة مكونات مسلحة الى جانب الشرعية، بل هناك مخطط سينفذ في حضرموت وشبوة تحت مكون نخب المناطق الشرقية التي سيتم التعاطف الشعبي معها من منطلق أنها ضد الانتقالي.
اضافة الى مخطط تشكيل القبائل المهرية التي سيتم التغاضي عن عمان في تشكيل بعضها.
ومن مخططات زيادة الفاعلين المحليين سيكون هناك خلط أوراق في مأرب والجوف بالتعاون مع مجاميع قبلية حتى تلك الموالية للحوثيين.

 
هذا يعني أن المكونات التي ستطلب المحاصصة في السلطة قد تصل الى عشر فصائل مسلحة ما بحتاج الى مؤتمر سترعاه السعودية وبالتالي تتشكل دولة المحاصصة المسيطر عليها.
ما يراد لليمن من خارج الحدود يظل مخططا قابلا للفشل أكثر من التطبيق، واليمنيون قادرون على فرض الواقع الذي يريدونه سواء التقسيم ودويلات المحاصصة أوالدولة الاتحادية في امتداداتها الجغرافيةوالتأريخية. لا امبراطورية غزتهم الا غرقت في البحر أو بين رمال الصحراء والاودية وعلى قمم الجبال.